بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة علاج لأمراض العصر
ونحن في ذكرى الإسراء والمعراج مازال معنا قبس من الإسراء والمعراج نعيش على هديه ونقتبس من
ضوئه في اليوم خمس مرات حتى نلقى الله ونحن نعاهده على تمسكنا بما أمر به حبيبنا في ليلة الإسراء
والمعراج فقد كلفه الله في تلك الليلة بفريضة الصلاة ولم ينزل بها جبريل ولم يكتف الله بفرضيتها في القرآن
الكريم بل استدعاه وحباه وقربّه وأدناه ليعلمنا أن هذا أمر خاص ويحرص عليه الله ومن ثم هناك من فوق
سدرة المنتهى فرض عليه الصلاة قال{ فَأَوْحَى الله إِلَيَّ مَا أَوْحَى فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاَةً فِي كُلِّ يَوْمٍ
وَلَيْلَةٍ فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خَمْسِينَ صَلاَةً قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ. فَاسْأَلْهُ
التَّخْفِيفَ. فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ يُطِيقُونَ ذلِكَ فَإِنِّي قَدْ بَلَوْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَبَرْتُهُمْ قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي فَقُلْتُ: يَا رَبِّ
خَفِّفْ عَلَى أُمَّتِي. فَحَطَّ عَنِّي خَمْسا. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقُلْتُ: حَطَّ عَنِّي خَمْسا قَالَ:إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ يُطِيقُونَ
ذلِكَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ قَالَ فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى حَتَّى قَالَ: يَا
مُحَمَّدُ إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. لِكُلِّ صَلاَةٍ عَشْرٌ. فَذلِكَ خَمْسُونَ صَلاَةً. وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ
يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً. فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرا. وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئا. فَإِنْ عَمِلَهَا
كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً قَالَ:فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ:ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ فَقَالَ
رَسُولُ اللّهِ فَقُلْتُ: قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ}[1] رسولكم الكريم لم يرض بصلاة واحدة في
اليوم والليلة وجعلها خمس صلوات لماذا؟ لأنه بنور الله الذي أعطاه له الله عَلِم أن الصلاة هي علاج كل
مشاكلنا في هذه الحياة وخاصة في هذا الزمن الذي نحن فيه حيث اتجه الناس إلى المادة والدنيا وكادوا
يعبدونها من دون الله فيصبح الرجل وكل همه ومنتهى علمه أن يحصّل المال بأي كيفية من حرام أو من
حلال لا يهم من غشٍ أو من نهب وسرقة أو رشوة لا يهم المهم أن يحصّل المال ليمتّع نفسه في زعمه
وبنيه بما جدّ من المستحدثات ومع ذلك ومع كثرة المال ومع وفرة الخيرات كثر في عصرنا التوتر النفسي
والقلق العصبي وأمراض العصر الضغط والسكر وأمراض القلب وكلها ليست من ميكروبات ولا من جراثيم وإنما
من توترات نفسية وأحوال عصبية يتعرض لها المرء نتيجة للضغوط التي تواجهه في حياته الكونية ما علاجها؟
العلاج الناجح والعلاج الشافي وليس المُسّكن فكل ما نتناوله من الصيدليات وكل ما يكتبه لنا الأطباء عن
هذه الأمراض مسكنات لا تعالج المرض من جذوره ولا تقتلعه من ذات الشخص ولكن العلاج الناجح الشافي
الكافي هو في هذه الصلاة التي فرضها الله واسمعوا معي إلى قول الله وهو يتحدث عن عصرنا في قرآنه
الكريم وعن أمراض هذا العصر فيعرضها عرضاً عظيماً لأنه هو الرب العظيم فيقول [إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا
مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ] أمراض العصر الهلع خوف الفقر وخوف الضيق وخوف
فقد المال وخوف فقد المتع وخوف فقد المشتهيات والملذات يخاف ألا يطعمها ولا يتذوقها بأمر الطبيب وخوف
الأمن كل ذلك اسمه الهلع إذا مسَّه ولم يقل أصابه مسٌّ خفيف من الشر أو الضر تجد الإنسان يصيبه الفزع
ويصيبه الجزع وأحياناً يصيبه اليأس والقنوط ولا يقنط من رحمة ربه إلا القوم الضالون ولا ييأس من روح الله إلا
القوم الكافرون وإذا جاءه الخير ينفق بسخاء على نفسه وينفق ببذخ على أهل بيته فإذا طلب منه مساعدة
لفقير أو مسكين أو لبائس أو محتاج يمسك يده عن الإنفاق ويدعي الفقر والحاجة كأحد الأثرياء العرب الذي
تناقلت أخباره وكالات الأنباء والذي تبرع بمليار دولار لتشجير حديقة الحيوانات في لندن لكي ينال رضاء رئيس
وزرائها فلما ذهبوا إليه ليتبرع لأهل البوسنة أثناء الحرب قال: سأدعو لهم الله ورفض أن يعطيهم ديناراً واحداً
هذا الأمر لا يعتري المصلين ولا يصيب المحافظين على الصلاة وقد أثبت العلم الحديث بأحدث أجهزته وآلاته
أنه لا يعالج القلق النفسي ولا التوتر العصبي إلا الوقوف بين يدي الله بالسكينة والوقار فإن ذلك ينزل السكينة
على القلب والطمأنينة على الأعضاء فتستريح من هذا التوتر وهذا القلق وقد روى سفير ألمانيا في المغرب
سابقاً الذي أسلم وكان اسمه الفريد هوفمان فسمى نفسه مراد وكان يعمل رئيساً لجهاز الاستعلامات
في حلف الأطلنطي قبل أن يعمل سفيراً لبلاده في المغرب قال جاءتنا التعليمات بأن نجعل الطيارين يقومون
بحركات كحركات الصلاة للمسلمين في كل يوم مرة وقالوا إن ذلك يكسبهم السكينة النفسية والطمأنينة فلا
يملّون ولا يقلقون إذا طاروا إلى مسافات طويلة يا عجباً أهل الكفر يستخدمون حركات الصلاة لعلاج أمراض
النفس وأهل الصلاة يتكاسلون عنها بل وينقطعون أحياناً عنها بل ولا يحافظون عليها مع أنها هي العلاج
النافع ولا علاج غيره لهذه الأمراض التي ذكرناها هي تغنيك عن جلسات الطب النفسي وتغنيك عن
البراشيم المهدئة بكافة أنواعها مع أنكم تعلمون مدى شدة الأضرار اللاحقة لاستخدامها وتغنيك عن
المصحات النفسية وما أدراك ما تكاليف دخولها كل ذلك يُغنيك عنه الله إذا حافظت على الصلاة في مواقيتها
وفي بيت الله قد يقول البعض نحن نؤدي الصلاة ونحافظ عليها ولا نشعر بما نقول أقول أنها فشت في عصرنا
ظاهرة وهي الصلاة في داخل المنازل فإن الصلاة فرضها الله لتؤُدّى في بيوت الله وسط عباد الله المؤمنين
لأن المرء إذا صلى بمفرده يحاسبه الله على قدر حضوره في الصلاة فقد قال {أَنَّ الرَّجُل لَيُصلِّي الصَّلاةَ،
وَلَعَلَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ مِنْهَا إِلا عُشْرُهَا أَوْ تُسْعُهَا أَوْ ثُمْنُهَا أَوْ سُبْعُهَا أَوْ سُدْسُهَا ولا يكتب للمرء من صلاته إلا ما
عقل منها}[2]. فإذا كنت جالساً أمام التليفزيون أشاهد المباراة وفي وقت الراحة تقدمت بالمصلاة لأصلي
العصر بين الشوطين كيف تكون هذه الصلاة؟ إنها روتين يؤديه المرء بين يدي الله لا يحقق سكينة ولا يحقق
طمأنينة وخاصة إذا كان مَنْ حوله يتحدثون ويسمعهم جيداً وبعد انتهاء الصلاة يعلق على حديثهم ويحادثهم
كما سمع لهم وهو في الصلاة ليست هذه صلاة وإنما حركات تؤدى بين يدي الله لكن الصلاة في بيت الله
فيها السكينة وفيها الطمأنينة وفيها الصفاء وفيها الطهارة وفيها النقاء لأنه لا يشغلنا بشئ في بيت الله عن
الله حتى أن الإسلام منع الزينة التي تشغل المؤمن عن الصلاة إذا كان هناك بالمسجد زينة لو نظر إليها
المصلي شغلته يطالبنا الإسلام أن نُزيلها ونمحوها حتى لا يكون هناك شئ يشغله عن الصلة بالله فإذا قال
الله أكبر ورفع يديه جعل الدنيا خلف ظهره وأقبل بكله على ربه يناجيه بكلامه ويتملّق إليه بإنعامه فيقبل
عليه الله بعطائه وفضله وإكرامه هذا فضلاً عن أن الجماعة إذا وصلت أربعين رجلاً كما ورد في الأثر {لا تخلو
من رجل صالح يتقبل الله صلاته ويقبل صلاة الجميع من أجله }الصلاة في جماعة صلاة مقبولة إن شاء الله
لأن الجماعة لا تخلو من قلب طاهر يُقبل عليه الله فيقبل صلاته ويقبل صلاة الجميع من أجله ولذلك قال
النبي{وَالَّذِي نَفْسِي بِـيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ
النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إلَى رِجَالٍ فأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُـيُوتَهُمْ }[3] لأنهم منعوا أنفسهم من هذا الخير ومن هذا البر
الذي أراده الله لهم وعن البراءِ بنِ عازَبٍ: { أَنَّ ابنَ أُمِّ مكتومٍ ـ وكانَ ضريرَ البَصَرِ ـ أتى النبيَّ فَشَكا إِليهِ وآلهُ أَنْ
يُرَخِّصَ لَهُ في صَلاةِ العِشَاءِ والفَجْرِ وقال: إِنَّ بينِي وبينَكَ المَسِيلُ فقالَ النبيُّ: هَلْ تَسْمَعُ الآذانَ؟ قالَ: نَعَمْ
مرةً أَو مرتينِ فلَمْ يرخِّصْ لَهُ في ذَلِك}[4] وعلى هذا لا يوجد في زماننا من له عذر يبيح له أن يصلي في
بيته إلا المريض الذي منعه الطبيب من الحركة أو الإنسان الذي له عذر للخروج في صلاة الفجر عذر قاهر
يقرره الأطباء والشرع أما المؤمن فلابد أن يتوضأ ويصلي فقد قال النبي ما معناه {وما يدريك لعلني لا أبلغه}
ونحن يكون المرء في عمله وهناك مصلى في عمله ويؤجل الصلاة حتى يرجع إلى منزله من الذي ضمن له
الرجوع؟ ومن الذي يضمن له أن يصلي الظهر حاضراً؟ فإذا خرج متأخراً وتلهف على الطعام وأذّن العصر يصلي
قضاءاً ولا يندم على ما فاته من أداء الفريضة في وقتها وهذا عمل شنيع شنّع عليه أصحاب رسول الله لقد
كان الرجل منهم الذي تفوته تكبيرة الإحرام مع الإمام يصاب بألم شديد في جسمه ووجع في كل أرجاء بدنه
ويمرض ويعودونه لمدة ثلاثة أيام لما فاته من الخير في أداء تكبيرة الإحرام واللحوق بالجماعة من أولها والذي
كانت تفوته الجماعة الأولى كان يمرض أسبوعاً يعودونه ليخففون عنه فما بالكم بالذين يصلون الفرض بعد
انتهاء وقته؟ في شأنهم قال تعالى {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} أي الذين يتساهلون
في أداء الصلاة في وقتها هؤلاء لهم نصيب من الويل في الدنيا من الأمراض ومن الهموم ومن الغموم ومن
المشاكل التي تحدث لهم ويعجزون عن حلها ولا رافع ولا دافع لهم إلا الله فيحق لنا جماعة المسلمين أن
نحيي هذه الليالي بأفراح متصلة أفراح للصلاة فليلة الإسراء والمعراج هي فرح نزول الصلاة هي فرح حدوث
بركة الصلاة هي فرح أكرمنا الله فيه بالشفاء من كل أمراض العصر بالصلاة فحافظوا عليها لقوله النبي {مَنْ
حَافَظَ عَلَى الصَّلاَةِ كَانَتْ لَهُ نُوراً وَبُرْهَاناً وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلاَ بُرْهَانٌ وَلاَ
نَجَاةٌ وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَي بْنِ خَلَفٍ}[5] وورد في الأثر { إذا رأيتم يهود الأمة فلا
تسلموا عليهم قالوا: ومن هم يهود الأمة؟ قيل: المرجئة! الذين يمرون على المساجد ويستمعون إلى الآذان
ولا يؤدّون الصلاة} وقال الحبيب {الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاَةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ }[6] إن الصلاة هي
التحصين الواقي لأولادنا وبناتنا من ارتكاب المعاصي في هذه الحياة لقول الله{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء
وَالْمُنكَرِ}ولذلك قيل {يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فلاناً يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ فإذا أَصْبَحَ سَرَقَ قال: سينهاهُ ما يقُولُ –يقصد
الصلاة-}[7] فاحرص ما تحرصون عليه إذا أردتم الاطمئنان على أولادكم وبناتكم أن تراقبوهم في أداء الصلاة
وأن تجعلوا كل همِّكم هو ملاحظتهم ومتابعتهم في أداء الصلاة لماذا؟ قد كان دعاء الأنبياء الكرام عليهم
السلام الذي يضرعون فيه إلى الله كما قال سيدنا إبراهيم الخليل {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي}
طلب من الله أن يوفقه لإقامة الصلاة هو وذريته لأنها هي الحفظ الإلهي فإن المرء إذا صلى لله يصيبه تحصين
روحاني وقسط نوراني ينزل على قلبه لا تراه العيون ولا تصل إليه العقول ولا الظنون إذا وقع في ورطة وأراد به
قرناء السوء شراً يجد معه قول الله {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ }
فيهيأ الله له بالإلهام الروحاني وبنوره الرباني ما يدفعه عن هذه المعصية فضلاً عن أن الصلاة هي حبل
الصلة بينك وبين الله لقوله لموسى {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} فإذا حافظت على إقامتها لا تحتاج إلى شئ وتقف
بين يدي مولاك إلا ويلبيك في الحال فهناك صلاة الحاجة لا يصليها فرد بصدق لله إلا ولبَّى الله حاجته وهناك
صلاة الاستخارة لا يحتار الإنسان في أمر من أمور الدنيا فيصليها إلا ويشرح الله صدره لما فيه خيره وبره
وهناك صلاة الفزع وقد قالت السيدة عائشة عن رسول الله { كان إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ (يعني أهمَّه أمرٌ) فزع إلى
الصلاة }[COLOR="Blue"][8] فيفرج الله عنه في الحال وقد كان سيدنا أبو الدرداء يخرج من المدينة إلى الشام تاجراً بغير
حارس أو رفيق وبينما هو مسافر ذات مرة استأجر دابة يركبها حتى إذا قطع شوطاً في الطريق أخذه صاحب
الدابة إلى وادٍ بين جبلين فوجد فيه رؤوساً كثيرة مقطعة قال: هل رأيت هؤلاء؟ قال: نعم قال: إن مصيرك
كمصيرهم قال: يا هذا خذ مالي ودعني قال: أما مالك فلابد منه وأما مصيرك فإلى الهلاك قال: إذا لم يكن
من ذلك بد فدعني أصلي ركعتين لله فانفرد يصلي لله وهو في الصلاة واقف بين يدي الله سمع قائلاً يقول:
دعه يا عدو الله، فواصل الصلاة وهو في ركوعه سمع الصوت ثانية يقول: دعه يا عدو الله وهو في سجوده
سمع الصوت ثالثة يقول: دعه يا عدو الله وعندما أنهى الصلاة وجد رجلاً وبيده سيفاً يقطر دماً والرجل الذي
معه قد قطعت عنقه فقال: من أنت؟ ومن أدراك بي؟ ومن الذي أرسلك إلي؟ فقال: أنا ملك من السماء
الرابعة عندما استغثت بالله وأنت في الصلاة قال الله من يغيث عبدي فلان في أرض كذا؟ فقلت أنا يا ربَّ
فعندما كنت في السماء الرابعة هم بقتلك فقلت: دعه يا عدو الله وعندما وصلت إلى السماء الأولى هم
بقتلك ثانية فقلت: دعه يا عدو الله وأنا على باب هذا الوادي هم بقتلك ثالثة فقلت: دعه يا عدو الله ثم قتلته
فالصلاة صلة بالله ومن كان الله معه ويتصل مباشرة به ويلبيه الله بكل حوائجه في دنياه وأخراه كيف يمد يده
إلى غير الله؟وكيف يصغِّر وجهه للوقوف على أبواب خلق الله؟ أو يذل نفسه لهم؟ وهو أغناه وأعزه عن جميع
من سواه؟ فتمسكوا عباد الله بالصلاة وأوصوا بها بناتكم وأبنائكم وأزواجكم واجعلوها كل همكم يبارك الله لكم
في كل أحوالكم .